وسيكون عليك أن تكون ممتنا!!!!

  الأقارب تمازج غريب ومثير للحيرة كما هو مثير للدهشة، اجتماع كل ذلك الكم من أعمار المختلفة والشخصيات المتنوعة في مكان واحد، حيث تكون العائلة كبيرة يكون عليك أن تعيش أكثر اللحظات غرابة وطرافة في الحياة ، هنا عندما يلتقي الكل تكون ساحة للصراع للمنافسة للحب وللود أيضا، كما تكون أرضا خصبة للأحقاد والضغائن. تعرف العائلة على أنها تجمع دموي قبل أن يكون بمنطق آخر، كصداقة، أو الأخوة، أو أي شيء آخر، منها شخصيات تحب الظهور تكون على الواجهة تراه يخطف الأنظار ، ويستفرد بالحديث، يكون محط سخط لغيره طبعا خصوصا ذلك الهادئ المتعالي، الذي لا يحشر نفسه في حوار لا يتسم بالرقي وبتبادل عادل لأطراف الحديث، فيما يرى غيره أنه شخص ممل، بالمقارنة مع الشخصية الحاكمة، إلى أنه من أكثر أشخاص طيبة ومودة، وإطلاع وحكمة، يتسم البعض بكونه حياديا في كل شيء في أرائه في طبعه في لباسه وأكله حتى تتسم حياته بالحادية، لا ترى له انجازا سيئا ولا حتى ايجابيا ، يكون دائما موجودا والكل يشعر به لكنه لا يقدم الكثير لكنه شخص محبوب غالبا، على النقيض نجد ذلك النقدي الدائم التشكي ثرثار بطبعه، ومستبد برأيه، لا يمكنه إمساك لسانه عن غ...

قصة قصيرة-مليكه-

                                                               مليكه

قصة قصيرة-مليكه-

مدت ساقيها في حوش الدار بعد أن ألقت فراشا على أرضية الهشة المصنوعة من الجبس، لتدفأ جسدها تحت أشعة الشمس وتمنع برودة الأرضية الرطبة من التسلل إلى جسدها الغض، امضت ساعات من الهدوء الذي لا يشوبه شيء وهي على هذا الحال.

دخل ميلود من باب الخشب البالي، ألقى السلام وردت مليكه السلام وقامت تدس الفراش الذي افترشته لمدة ليجلس زوجها ميلود، وبخطى خفيفة أحضرت من المطبخ إناء الماء بعد أن وضعت إبريق الشاي على النار ، وضعت الإناء أمام سي ميلود وعادت إلى المطبخ لتحضر الشاي.

كان سي ميلود زوج مليكه يحب شرب الشاي عند دخوله إلى الدار بعد يوم شاق أو حتى ساعات عمل شاقة خلال يومه الطويل، كان احد أعوان شيخ البلدية وكان أيضا فلاحا قد ورث الفلاحة من أبيه، ولكنه لم يرث الأرض التي أفنى عمره فيها كانت احد العطايا التي منحتها السلطات لرعاياها بغية تنمية الحياة الريفية.

قسم سي ميلود يومه الطويل بين واجبه كأحد أعون شيخ البلدية، وكونه فلاحا يرعى أرضه بكل إخلاص وتفاني، لكنه رغم كل هذا لم يكن قادرا على رفع دخله المادي أكثر مما قسمه الله له، فرغم كل هذه النعم التي يحسد عليها لا تدر عليه الأرض أكثر مما يدفع به عن نفسه وعن عائلته موجات الجوع والبرد والعطش، أما دخله من كونه عونا لشيخ البلدية فقد مكنه من تدريس أطفاله وتأمين مستلزماتهم المدرسية لا أكثر من ذلك.

كانت مليكه زوجة ميلود امرأة نشيطة فلا تطلع عليها الشمس إلا وقد كانت قد لملمت الدار وحضرت إفطار زوجها، و أولادها ، عند انتهاء جولة الصباح تلبس الحايك و تمضي إلى حماتها تلقي عليها سلام وتسأل عن حالها.

عندما تنهي مجلسها تنطلق إلى الجيران تسال عن حال هذا وذاك خاصة إذا علمت أن احدهم يعاني من خطب ما، لم تكن هذه العادات تخصها هي وإنما كل نساء القرية كان طبعهن كذلك.

عندما تعود إلى البيت تكون لها الكثير من القصص التي ترويها لبناتها فتنقل إليهن من دون وعي منها خلاصة حياة امرأة، تعيش النساء وهن تتناقلن الحياة جيلا بعد جيل، ربما لم تفكر يوما أن تلك القصص التي ترويها عن هذه وتلك وعن هذا وذاك تشكل بشكل أو بآخر حياة بناتها، ولو أنها أدركت لكانت قد صاغت هذه الحكايات لا كما سمعتها من جارتها أو حماتها وإنما بشكل ترى فيه مستقبل بناتها على غير ما الفته هي من أمها.

لكن الحياة هنا بالقرية تسري على غير العالم تتبادل الأفكار ببطء أكثر منه بأي مكان أخر، ربما ملكيه التي لم تألف من الحياة غير إعداد الطعام، أو مساعدة زوجها بالفلاحة في أرضه، وقد أولت هذين أكثر من تنشئة بناتها على غير ما عاشته هي، فتمنح بناتها حياة مختلفة عن ما تحياه هي بالقرية بائسة.  

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

الدشيشة الأكلة الصحراوية التقليدية المميزة لمنطقة ورقلة

لمحة عن كتاب-رواية ريح الجنوب- لعبد الحميد بن هدوقة

لمحة عن كتاب-رواية شيفرة بلال- للكاتب أحمد خيري العمري

لمحة عن كتاب-الروح المتحررة- للكاتب مايكل سينغر

لمحة عن كتاب-رواية منزل القردة-للكاتب جون فولرتون

لمحة عن كتاب-رواية صاحب الظل الطويل- للكاتبة جين ويبستر

راعي الإبل (الجزء الرابع)

راعي الإبل (الجزء الثالث)

راعي الإبل (الجزء الثاني)

قصة قصيرة-راعي إبل-