وسيكون عليك أن تكون ممتنا!!!!

  الأقارب تمازج غريب ومثير للحيرة كما هو مثير للدهشة، اجتماع كل ذلك الكم من أعمار المختلفة والشخصيات المتنوعة في مكان واحد، حيث تكون العائلة كبيرة يكون عليك أن تعيش أكثر اللحظات غرابة وطرافة في الحياة ، هنا عندما يلتقي الكل تكون ساحة للصراع للمنافسة للحب وللود أيضا، كما تكون أرضا خصبة للأحقاد والضغائن. تعرف العائلة على أنها تجمع دموي قبل أن يكون بمنطق آخر، كصداقة، أو الأخوة، أو أي شيء آخر، منها شخصيات تحب الظهور تكون على الواجهة تراه يخطف الأنظار ، ويستفرد بالحديث، يكون محط سخط لغيره طبعا خصوصا ذلك الهادئ المتعالي، الذي لا يحشر نفسه في حوار لا يتسم بالرقي وبتبادل عادل لأطراف الحديث، فيما يرى غيره أنه شخص ممل، بالمقارنة مع الشخصية الحاكمة، إلى أنه من أكثر أشخاص طيبة ومودة، وإطلاع وحكمة، يتسم البعض بكونه حياديا في كل شيء في أرائه في طبعه في لباسه وأكله حتى تتسم حياته بالحادية، لا ترى له انجازا سيئا ولا حتى ايجابيا ، يكون دائما موجودا والكل يشعر به لكنه لا يقدم الكثير لكنه شخص محبوب غالبا، على النقيض نجد ذلك النقدي الدائم التشكي ثرثار بطبعه، ومستبد برأيه، لا يمكنه إمساك لسانه عن غ...

قصة قصيرة-راعي إبل-

                                 راعي إبل

قصة قصيرة-راعي إبل-


     كان يسوق إبله عائدا إلى الديار حين رآها تجلس تحت ضل النخلة، كانت جميلة ببشرتها الحنطية، وعيناها الواسعتين كفنجان قهوة، القهوة التي لم يشربها يوما، وربما لن يفعل، لرجل مثله كراعي للإبل التي تعود لأسياد البلدة ليس له الحق في الكثير عدى تحصيل لقمة العيش ليعيل والديه الطاعنين في السن، كان والده قد سبقه في هذه المهنة منذ نعومة أظافره ، صار باديا له أن عائلته تناقلت الفقر جيلا بعد جيل.

     كانت تمد ساقيها النحيفتين في الرمل، يبدو أنها أنهت عملا شاقا فراحت تريح جسدها تحت ضل النخلة، كانت التمر ينتشر أسفل جذع النخلة و عراجين التمر هنا وهناك، ليس غريبا لعبدو الراعي أن يرى نساء البلدة وهن يجمعن محصول التمور وكل ما يتعلق به من قطع العراجين وتنظيف النخلة وإعدادها للفصل القادم.

     لكن الغريب انه لم يسبق له أن رأى سوده هنا بالأرجاء، لم يسبق له أن رأى بالأحرى امرأة بهذا الجمال ولا تحتشم لدرء العيون عنها، سوده فتاة في مقتبل العمر ابنة لأحد فلاحين بالبلدة المالكين لقطعة من ارض، ورثها والدها عن أبيه وقد حولها إلى جنة من نخيل، فكانت تدر عليه محصولا وفرا كل سنة، لا يرفعه إلى رتبة ميسوري البلدة ولا يحط من مقامه للفقراء والمعدومين.

     لم يكن له القدرة على استخدام شباب بسواعد قوية تقوم عنه بما كلف ابنته به، لم تكن سوده هي نفسها تتذمر من أمر، على العكس تماما لقد كانت فتاة بشكل ما مميزة، تحب الأرض وتحب النخلة بالخصوص والعناية بها، على خلاف الفتيات من قريناتها ممن فضلن الحرص على جمالهن بغية الفوز بزوج وتكوين عائلة.

      ضل يحدق بها لبرهة من زمن ولكنه طأطأ رأسه و باشر سيره إلى حيث كان يمضي بعد أن انتبه إلى شروده وخشية أن يمسك به احد وهو يحدق بها، انطلق إلى بيته بعد أن أعاد الإبل إلى مالكها وقبض ثمن عمل يومه، لكن صورة سوده وشعر سوده وقدّ سوده لم يفارق خياله البت، وبات ليلته مؤرقا يفكر  في سوده .

      كانت الأم توبخ سوده دائما على استهتارها في ستر نفسها وإهمالها لأنوثتها، كما لم تبخل على أب بنصيبه من توبيخ نظير إهماله وترك ابنته على هواها لم تكن أم مسوده يوما راضية عن سلوك ابنتها كما لم ترضى لرغبة والدها في مساعدته في أرضه، وطالما رددت على مسمعه أن البنت يجب أن تتعلم ما تتعلمه النساء لا أن تمضي يومها في الأرض شأنها شأن الرجال، ربما لم تدرك أم سوده طوال السنين التي عاشتها مع هذا الرجل الطيب أنها في كل مرة تعيد خطابها هذا تجعله يشعر بالمهانة لكونه والد لبنت بدل من أن يكون ولدا يحمل عنه كتفا.

بقلم وردة الرمال، لمزيد من القصص القصيرة تابعونا من هنا.

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

الدشيشة الأكلة الصحراوية التقليدية المميزة لمنطقة ورقلة

لمحة عن كتاب-رواية ريح الجنوب- لعبد الحميد بن هدوقة

لمحة عن كتاب-رواية شيفرة بلال- للكاتب أحمد خيري العمري

لمحة عن كتاب-الروح المتحررة- للكاتب مايكل سينغر

لمحة عن كتاب-رواية منزل القردة-للكاتب جون فولرتون

لمحة عن كتاب-رواية صاحب الظل الطويل- للكاتبة جين ويبستر

راعي الإبل (الجزء الرابع)

راعي الإبل (الجزء الثالث)

راعي الإبل (الجزء الثاني)