قصة قصيرة-راعي إبل-
- الحصول على الرابط
- X
- بريد إلكتروني
- التطبيقات الأخرى
راعي إبل
كان يسوق
إبله عائدا إلى الديار حين رآها تجلس تحت ضل النخلة، كانت جميلة ببشرتها الحنطية،
وعيناها الواسعتين كفنجان قهوة، القهوة التي لم يشربها يوما، وربما لن يفعل، لرجل
مثله كراعي للإبل التي تعود لأسياد البلدة ليس له الحق في الكثير عدى تحصيل
لقمة العيش ليعيل والديه الطاعنين في السن، كان والده قد سبقه في هذه المهنة منذ
نعومة أظافره ، صار باديا له أن عائلته تناقلت الفقر جيلا بعد جيل.
كانت تمد
ساقيها النحيفتين في الرمل، يبدو أنها أنهت عملا شاقا فراحت تريح جسدها تحت ضل
النخلة، كانت التمر ينتشر أسفل جذع النخلة و عراجين التمر هنا وهناك، ليس غريبا لعبدو
الراعي أن يرى نساء البلدة وهن يجمعن محصول التمور وكل ما يتعلق به من قطع
العراجين وتنظيف النخلة وإعدادها للفصل القادم.
لكن
الغريب انه لم يسبق له أن رأى سوده هنا بالأرجاء، لم يسبق له أن رأى بالأحرى امرأة
بهذا الجمال ولا تحتشم لدرء العيون عنها، سوده فتاة في مقتبل العمر ابنة لأحد فلاحين
بالبلدة المالكين لقطعة من ارض، ورثها والدها عن أبيه وقد حولها إلى جنة من نخيل،
فكانت تدر عليه محصولا وفرا كل سنة، لا يرفعه إلى رتبة ميسوري البلدة ولا يحط من
مقامه للفقراء والمعدومين.
لم يكن
له القدرة على استخدام شباب بسواعد قوية تقوم عنه بما كلف ابنته به، لم تكن سوده
هي نفسها تتذمر من أمر، على العكس تماما لقد كانت فتاة بشكل ما مميزة، تحب الأرض
وتحب النخلة بالخصوص والعناية بها، على خلاف الفتيات من قريناتها ممن فضلن الحرص
على جمالهن بغية الفوز بزوج وتكوين عائلة.
ضل يحدق
بها لبرهة من زمن ولكنه طأطأ رأسه و باشر سيره إلى حيث كان يمضي بعد أن انتبه إلى
شروده وخشية أن يمسك به احد وهو يحدق بها، انطلق إلى بيته بعد أن أعاد الإبل إلى
مالكها وقبض ثمن عمل يومه، لكن صورة سوده وشعر سوده وقدّ سوده لم يفارق خياله
البت، وبات ليلته مؤرقا يفكر في سوده .
كانت الأم
توبخ سوده دائما على استهتارها في ستر نفسها وإهمالها لأنوثتها، كما لم تبخل على أب
بنصيبه من توبيخ نظير إهماله وترك ابنته على هواها لم تكن أم مسوده يوما راضية عن
سلوك ابنتها كما لم ترضى لرغبة والدها في مساعدته في أرضه، وطالما رددت على مسمعه أن
البنت يجب أن تتعلم ما تتعلمه النساء لا أن تمضي يومها في الأرض شأنها شأن الرجال،
ربما لم تدرك أم سوده طوال السنين التي عاشتها مع هذا الرجل الطيب أنها في كل مرة
تعيد خطابها هذا تجعله يشعر بالمهانة لكونه والد لبنت بدل من أن يكون ولدا يحمل عنه
كتفا.
بقلم وردة الرمال، لمزيد من القصص القصيرة تابعونا من هنا.
- الحصول على الرابط
- X
- بريد إلكتروني
- التطبيقات الأخرى
تعليقات